7 عقود من المراوغة.. كيف خطط الأمريكان والصهاينة لتعطيش مصر عبر "سد النهضة"؟
السبت - 13 آغسطس 2022
- بتخطيط لـ «تيودور هرتزل» منذ 1903.. فكرة السد انطلقت من تل أبيب عام 1955 برعاية أمريكية
- أمريكا تبنت فكرة إنشاء السد وقدمت معلومات استخبارية واستشارات هندسية ودارسات مسحية لإثيوبيا
- الكيان الصهيوني وأمريكا والصين والسعودية والإمارات من أكبر ادول الممولة لسد النهضة
- الإمارات تلعب دورا لصالح أمريكا والكيان الصهيوني ينتهي ببيع مياه النيل لمصر على المدى البعيد
- الولايات المتحدة أخذت على عاتقها دور الحشد الدولي لتقديم الدعم المالي اللازم لبناء "سد النهضة"
- في عام 1953 قدمت أمريكا دراسة مسحية تقترح 26 موقعًا صالحًا لإنشاء "السد" منها الموقع الحالي
- في عهد أيزنهاور حاولت واشنطن إقناع إثيوبيا بإنشاء السد بارتفاع 11 مترًا كمرحلة اولي
- في 2009 أجرت أمريكا دراساتٍ مسحية على النيل الأزرق وانتهت باختيار الموقع الحالي للسد
- بعد انتهاء التصميمات حصلت إثيوبيا على معلومات استخباراتية من أمريكا بنية القاهرة لهدم السد
- بعد وضع الأساس أسندت أثيوبيا لشركة أمريكية مهمة توفير التوربينات والمولدات والمعدات الكهربية
- أمريكا تقوم بالتشويش على صور الأقمار الصناعية للسد لعدم معرفة مصر تطورات الانشاء
- محاولات أمريكية لتضليل مصر بإعلان انخفاض منسوب بحيرة ناصر 4 أمتار.. وتكتم مصر على الخبر!
- الكيان الصهيوني يسيطر بشكل كبير على الخبرات الفنية والبعثات الطبية والتعليمية والعسكرية بأثيوبيا
- اثيوبيا تعتبر محور الارتكاز للعقل الصهيونى فى وسط إفريقيا و تحتفظ بعلاقات متميزة مع دولة الاحتلال
- خبراء صهاينة قاموا بعمليات مسح لمجرى النيل والمناطق المحيطة لإنشاء سدود على النيل الأزرق
- خبير عسكري: الكيان الصهيوني أول من يستفيد "السد" وسيتم استخدامه للضغط على مصر
"شراء مصر لمياه النيل من إثيوبيا بأموال الإمارات"..عنوان مثير لمنشور كتبه د. أحمد المفتي المحامي والموثق السوداني، مدير مركز الخرطوم الدولي لحقوق الانسان، بتاريخ 31 يوليو 2022 قال فيه: "هناك سيناريوهات عدة مطروحة حاليا للتعامل مع أزمة سد النهضة، بينها اقتراح أن تعوض كمية المياه التي ستفقدها مصر بسبب السد عبر شرائها تلك الكمية من اثيوبيا بثمن قليل لفترة مؤقتة تدفعه الإمارات، وقد تمتد تلك الفترة من 10 الي 20 عاما، علي أن يتم بعدها الاتفاق علي أسعار جديدة".
في الوقت نفسه، تجاهل الإعلام المصري تماما، البيان الذي أصدرته البعثة الدائمة لدولة الإمارات العربية المتحدة لدى الأمم المتحدة في نيويورك، بصفتها العضو العربي في مجلس الأمن الدولي، حول أزمة سد النهضة الإثيوبي، الثالثاء 2 أغسطس 2022، والذي جاء فيه أن الإمارات "تؤمن بإمكانية اختتام المفاوضات حول سد النهضة الإثيوبي (الكبير) بشكل ناجح، وتقر بالفرصة القيّمة التي يتيحها ذلك لدعم التكامل الإقليمي وتسريع وتيرته مع تعزيز التعاون والتنمية المستدامة في المنطقة وخارجها، وبروح إيجاد 'حلول أفريقية للتحديات الأفريقية".
ودعت الإمارات "مصر والسودان وإثيوبيا إلى التفاوض بحسن نية بشأن سد النهضة"، دون أن تظهر أي تعاطف أو اهتمام لحقوق مصر والسودان المائية، مما دعا خبراء الى اعتبار موقف الإمارات "لا يخدم المصالح المصرية، بل العكس من ذلك، فهو يدعم الموقف الإثيوبي في القضية".
والحقيقة المجردة هي أن الإمارات تلعب دورا وظيفيا في هذه القضية لصالح أمريكا والكيان الصهيوني، لتعطيش وتجويع مصر، وإنهاكها تماما.
هذا بدوره يفتح نافذة على كيفية التعاطي الأمريكي- الصهيوني مع موضوع "سد النهضة" وكيف تتم إدارة هذا الملف منذ أمد بعيد، ففي الوقت الذي تعلن الولايات المتحدة الامريكية حيادها في الوساطة بين أثيوبيا ومصر والسودان، يؤكد التاريخ كذب هذه الدعاوي، حيث عملت أمريكا والكيان الصهيوني على مدى 66 عاما على التخطيط لإنشاء سد النهضة، وصولا إلى الهدف الأكبر وهو تركيع مصر.
في هذا الملف، نرصد الدور التاريخي لأمريكا والكيان الصهيوني في قضية سد النهضة، فإلى التفاصيل.
66 عاما من التخطيط الأمريكى
بالرغم من إعلانات الولايات المتحدة الأمريكية المتكررة، بالتوسط للوصول لحل دبلوماسي لأزمة سد النهضة، نجد أن التاريخ على مدي 66 عاما يكذب هذا الادعاء، حيث قدمت الولايات المتحدة الأمريكية مساعدات مباشرة وغير مباشرة لإثيوبيا من أجل بناء سد لحجز المياه، تنوعت ما بين استشارات هندسية ودارسات مسحية، مرورا بتقديم معلومات استخباراتية مهمة، ووصولا بالحشد الدولي لتقديم الدعم المالي اللازم لبناء السد الذي عرف فيما بعد بـ "سد النهضة".
في عام 1953م، بدأت فكرة بناء سد النهضة، عندما أعلنت أثيوبيا عن اعتزامها إنشاء سد كبير على النيل لتوليد الكهرباء؛ ووقتها استعان الإمبراطور الإثيوبي "هيلا سيلاسي" بمكتب الاستصلاح الزراعي التابع لوزارة الخارجية الأمريكية، وفقا لتقرير أورده موقع "ساسة بوست".
قدم مكتب الاستصلاح الزراعي الأمريكي دراسة مسحية لـ "سيلاسي" على امتداد النيل الأزرق، تقترح 26 موقعًا صالحًا لإنشاء السدود، بينها الموقع الحالي لسد النهضة.
وحين شرعت إثيوبيا في بناء السد، أرسل الرئيس المصري الأسبق "جمال عبد الناصر" رسالة تهديد لصديقه الإثيوبي "سيلاسي"، جاء فيها: "نطالبكم بوقف أعمال بناء السد، لأننا نعتبره تهديدا لحياتنا؛ مما يستدعي تحركا مصريا غير مسبوق".
وفي عهد الرئيس الأمريكي أيزنهاور (1953 - 1961)، تدخلت أمريكا لإقناع الإمبراطور "هيلا سلاسي"بتقليل ارتفاع السد من 112 مترًا إلى 11 مترًا فقط.
وكان "هيلا سيلاسي" آخر أباطرة إثيوبيا، وانتهى حكمه عام 1974، عندما خلعه القادة العسكريون وأنشأوا حكومة مؤقتة. وبعد سقوط النظام الإثيوبي الحاكم في عام 1991، صعد إلى سُدة الحُكم عبر انقلابٍ عسكري، رئيس الوزراء الراحل "مليس زيناوي"، الذي قاد بلاده لنهضة اقتصادية وزراعية.
وفي عام 2009، شجع تحالف "زيناوي" مع الولايات المتحدة، قيامه بإجراء دراساتٍ مسحية للمواقع التي حددتها سلفًا الخارجية الأمريكية على النيل الأزرق، والتي انتهت باختيار موقع سد النهضة الحالي.
وبعدما انتهت إثيوبيا من وضع التصميمات الهندسية للمشروع، حصل "زيناوي" أواخر عام 2010 على معلومةٍ استخباراتية مفادها أنّ مصر تستعد للتدخل العسكري لاستهداف موقع السد، ليتهم القاهرة علانيةً بالتخطيط للحرب.
المعلومة الاستخباراتية السابقة نشرها موقع "ويكليكس" عام 2012، وأكدها الرئيس المصري الأسبق "حسني مبارك" في تسريبٍ صوتي منسوب له، قال فيه إنه كان مُستعدًا لضرب السد بطائرة "توبوليف" – قاذفة قنابل سوفيتية تسبق سرعة الصوت– في حال أقدمت إثيوبيا على تنفيذ تهديدها.
وبعدما أعلنت إثيوبيا في عام 2011 وضع حجر الأساس لبناء السد، الذي تبلغ تكلفته نحو 5 مليارات دولار، كشفت وكالة "بلومبرج" الأمريكية أنّ الشركة العسكرية الإثيوبية "Metals & Engineering Corp"، التي أُسند إليها تنفيذ المشروع، تعمل بالشراكة مع شركة "Spire Corp" الأمريكية، التي تتولى توفير التوربينات والمولدات وجميع المعدات الكهربائية التي يحتاجها السد.
وبحسب الصفقة، فإن الشركة مسئولة عن توريد ثماني توربينات ومولدات لوضعها في السد، بقيمة 250 مليون يورو للشركة الإثيوبية. وبحسب تصميم المشروع، فأديس أبابا صممت 16 بوابة للسد، وجميعها أيضًا صناعة أمريكية من ماركة "francis".
الدعم الأمريكي المباشر
الدعم الأمريكي المباشر لإثيوبيا كشفه نائب رئيس المركز الإقليمي لعلوم الفضاء بالأمم المتحدة، "علاء النهري"، والذي أعلن لوسائل إعلام مصرية أن الولايات المتحدة تشوش على الصور التي تلتقطها الأقمار الصناعية لسد النهضة الإثيوبي، من خلال القمر الأمريكي المتاح لالتقاط الصور للسد "land sat 8".
وأضاف المسؤول الأممي أن واشنطن كانت تضع قناعًا أبيض على الصور؛ كي لا تتمكن مصر من متابعة مراحل بناء السد وتفاصيله.
غير أن الرغبة الأمريكية في تغطية السد الإثيوبي عن الأنظار سُرعان ما تلاشت، عقب الصور التي نشرها القمر الصناعي "جاسون2"، المتخصص في تجميع منسوب مياه البحيرات والأنهار في العالم، والذي أعلن عام 2015 عن انخفاض منسوب بحيرة ناصر بنحو أربعة أمتار، وهو الخبر الذي تكتمت عليه السلطات المصرية، وأكد أنّ واشنطن تساعد أديس أبابا في مشروعها المائي
ويبدو الحشد الأمريكي لدعم إثيوبيا، بحسب ما نشرته الأمم المتحدة عبر موقعها الرسمي الخاص بأفريقيا، ففي الوقت الذي واجهت فيها أديس أبابا أزمة تمويل، طالب الموقع الدول الكبرى بدعم مشروع سد النهضة، الذي وصفته بأنه مشروع شجاع في دولة من أفقر الدول في العالم، وهو الذي سيحولها لأقوى دولة في القارة.
في الثاني من أبريل/نيسان عام 2018، تولى "آبي أحمد"، رئاسة الوزراء في إثيوبيا، ليصبح أصغر رؤساء حكومات أفريقيا الذين قادوا مجموعة من الإصلاحات التي أنقذت بلاده من الحرب الأهلية.
وخلال 10 أشهرٍ من حُكم "آبي"، أصبحت إثيوبيا الدولة الأسرع نموًّا في القارة اقتصاديًّا، وبفضل موقعها الاستراتيجي المُتاخم للقرن الأفريقي، فإنها تسعى لتصبح مركزًا للاقتصاد في المنطقة، بفضل الطرق الدولية والسكك الحديدية التي تصلها مع دول الجوار، وهو ما دفع الشريك الأمريكي الذي تدخل بقوة في دعم مشروع سد النهضة، إلى تحذير رئيس الوزراء الإثيوبي من التوغل في الأنشطة التجارية الصينية؛ خوفًا من الغرق في الديون.
وبالرغم من الدور الواضح للولايات المتحدة الأمريكية، أعلنت الرئاسة المصرية عن تطلعها إلى تدخل الولايات المتحدة الأمريكية لحل أزمة سد النهضة مع إثيوبيا ، مؤكدة أنها وصلت لطريق مسدود.
من جانبه رحب البيت الأبيض بالدعوة المصرية، وقال إن واشنطن ستتدخل بصفتها وسيطًا محايدًا، غير أن أديس أبابا قابلت المقترح المصري والترحيب الأمريكي بالرفض التام، مستندة لبنود "وثيقة السد" التي وقعها "السيسي" عام 2015.
فكرة السد بدأت من تل أبيب
التاريخ يثبت أيضا أن فكرة سد النهضة فكرة صهيونية قديمة تقدم بها «يتودور هرتزل» مؤسس المشروع الصهيونى عام 1903، وبلورها «ديفيد جوريون» أول رئيس وزراء لإسرائيل عام 1955 بإعلانه أن مستقبل إسرائيل سيظل مهددًا مع العرب من أجل الحصول على المياه، وبدأت من هنا الحيل الصهيونية المختلفة فى دول حوض النيل، وفي مقدمتها إثيوبيا للحصول على مياه النيل، وكان دعم إسرائيل لإثيوبيا بشكل غير معلن.
و يروي البعض أن عمل إسرائيل فى إثيوبيا عمل استخباراتى بجانب إرسال الخبرات الفنية وبعثات إنسانية وطبية وتعليمية وثقافية، وعسكرية وأمنية للتدريب وعمل تجسس.
وتعتبر إثيوبيا هى محور الارتكاز للعقل الصهيونى فى وسط إفريقيا، لذا يحتفظ الكيان الصهيوني بعلاقات متميزة مع إثيوبيا على المستويين الاقتصادى والعسكرى.
ورغم عدم إعلان وثائق رسمية حول ما هية الدور الإسرائيلى فى سد النهضة وملف مياه النيل، إلا أن الأهداف المائية الإسرائيلية وطموحاتها، وما أعلنت عنه شركة ناحل الإسرائيلية، وهى الشركة المسئولة عن تطوير وتخطيط المصادر المائية فى إسرائيل، انها تقوم بمشاريع وأعمال فى إثيوبيا لحساب البنك الدولى، وأنها تقوم بأعمال إنشائية فى أوجادين فى اثيوبيا على الحدود الصومالية تكشف إلى أي مدى تتغلغل الصهاينة وهيمنوا على القرار الإثيوبي فيما يتعلق بسد النهضة والتعامل مع مياه النيل.
وكذلك ما كشفت عنه الصحف من أن خبراء إسرائيليين قاموا بعمليات مسح لمجرى النيل والمناطق المحيطة به لتقديم الاقتراحات حول إنشاء عدد من السدود على النيل الأزرق المغذى الرئيسى لمياه نهر النيل، كما يهدف التعاون الاثيوبى الإسرائيلى إلى تنفيذ العديد من المشروعات المائية التى يصل عددها إلى 40 مشروعًا مائيًا على النيل الأزرق لتنمية الأراضى الزراعية على الحدود السودانية الاثيوبية.
كما تعتمد المشروعات الإسرائيلية هناك على الدراسات التى أصدرها مكتب الاستطلاع الأمريكى والتى كانت بهدف الضغط على الرئيس جمال عبدالناصر فى الخمسينيات وأوائل الستينيات.
ولم يقتصر الوجود الصهيوني على الدعم التقنى والفنى فيما يخص الإنشاءات المائية فقط بل شمل تطوير الجيش الاثيوبى بداية عام 1995، وطبقًا للصحف الإسرائيلية فإن إسرائيل بدأت ومنذ عام 1996 تضخ كميات من الأسلحة إلى اثيوبيا وطائرات نقل واستطلاع، بالإضافة إلى منظومات رادار وصواريخ بحرية وصواريخ ومدافع مضادة للطائرات. كما أشار رئيس هيئة الاستشعار عن بعد علاء النهرى من قبل.. أن ثمة تشويشًا قد حدث لصور الأقمار الاصطناعية التى تتابع سد النهضة، بما يصل للحجب، مما دفع مصر إلى اللجوء لدول أخرى وشراء صور منها توضح ديناميكية بناء سد النهضة.
ولم تنتهِ مساعي إسرائيل للحصول على مياه النيل بفشل مشروع هرتزل، فقد طرح المهندس الإسرائيلي اليشع كالي عام 1978 مشروعًا يقضي بنقل 1% من مياه النيل إلى صحراء النقب.
وفي عام 1955 أعلن ديفيد بن غوريون أن اليهود يخوضون مع العرب معركة المياه، وعلى نتيجة هذه المعركة يتوقف مصير إسرائيل، وقال: "إذا لم ننجح في هذه المعركة فإننا لن نبقى في فلسطين"، وفق تعبيره.
ولم تتوقف أطماع إسرائيل عند مياه النيل فقط، وإنما توسعت لتشمل مياه نهر الأردن ونهر بانياس ونهر اليرموك ونهر الحاصباني، فالعمليات العسكرية الإسرائيلية على الحدود السورية-اللبنانية عامي 1964 و1965م كانت بسبب الأطماع الإسرائيلية في الحصول على مياه هذه الأنهار.
وأكد اللواء نصر سالم.. أن إسرائيل هى الدولة رقم واحد المستفيدة من موضوع سد النهضة، وهى تدعم سد النهضة أساسًا للضغط على مصر، وتحاول التوفيق بين مصر وإثيوبيا، لأنها تريد حصة من نهر النيل، وهذا هو حلم الصهاينة منذ إنشاء الكيان، وهو أن يأخذوا 1% من حصة مياه نهر النيل.
وأكد سالم أن مصر رافضة لهذا تماما، لذا من مصلحة إسرائيل الضغط على مصر بأى شكل من الأشكال سواء كان اقتصاديا أو سياسيا أو استراتيجيا، وبالتالى إسرائيل تتدخل أيضا بآراء كثيرة منها أن يكون هناك استخدامات للمياه الموجودة خلف السد.
وأوضح سالم أن الدور الإسرائيلى ليس خفيا حتى الآن، ولن ننسى دور زيارة الرئيس أوباما لاثيوبيا وهى الزيارة الأولى لرئيس أمريكى لاثيوبيا، والأكيد أن أمريكا وإسرائيل من مصلحتهما إضعاف قدرات مصر، وبالتالى نجد تأييدًا كاملاً لاثيوبيا فى مواقفها.
أكد سالم أيضًا أن ما يحدث فى أزمة سد النهضة يعد استكمالاً لسيناريو مشروع الشرق الأوسط الكبير فى تفتيت وإضعاف مصر والمنطقة العربية.
والمثال على ذلك أن أي نظام أمني لدول الشرق الأوسط- أو معظمها خصوصا دول الخليج- تتدرب عليه وتتولاه إسرائيل حيث تبيع لهم معدات عسكرية وتدرب قوات جيوشهم، وتمدهم بالمستشارين فى كافة المجالات.
وهذا أسلوب وسيطرة إسرائيل لربط الدول الإفريقية بها عن طريق المصالح الحيوية مثل تأمين الرؤساء وتدريب الجيوش وتصدير السلاح، ومن هنا يرى «سالم» أن إسرائيل تتمتع بميزة دبلوماسية قوية جدًا فى علاقتها مع إثيوبيا، ونجد رغم الصراع مع إريتريا وإثيوبيا أن إسرائيل تتعامل مع الإثنتين دون ان تفقد مصالحها مع أحد منهما، فهى تدرب الجيش للبلدين وتعطيهما السلاح.
الدول الممولة للسد
قدرت غالبية التقارير الدولية تكلفة إنشاء السد بـ4.8 مليار دولار، ومن أجل معرفة مدي دور الصهيوني الامريكي في سد النهضة لابد ان نعلم من هي الدول الممولة للسد، فمن هذه الدول أمريكا، وعن طريق مؤسسة تمويل التنمية الدولية قدمت الولايات المتحدة خمسة مليار دولار لتمويل التنمية في إثيوبيا ومواجهة النفوذ الصيني. وأمريكاهي الدولة التي دعتها مصر كوسيط في المفاوضات وتوصلت لاتفاق وقعت عليه مصر منفردة في فبراير 2020 ورفضت إثيوبيا والسودان التوقيع.
كما حصلت إثيوبيا في نهاية عام 2019 علي قرض من صندوق النقد الدولي قيمته 2.9 مليار دولار بهدف الاصلاح الاقتصادي، وذلك بتوصية ودعم أمريكي.
وفي الوقت الذي ينفي فيه البنك الدولي أي صلة له بتمويل سد النهضة، فإنه يمول خط نقل للكهرباء عالي الجهد بقوة 500 كيلوفولت وألفي ميجاواط، وكذلك يمول مشروع الطريق السريع الكهربائي الشرقي من إثيوبيا إلى كينيا. فضلاً عن تمويله لتمديد الشبكة التي تعد جزءًا من مجمع الطاقة في شرق أفريقيا، إذ خصص البنك الدولي نحو 230 مليون دولار لأجل تمويل مشروع التمديد، الأمر الذي يستفيد منه بصفة غير مباشرة مشروع سد النهضة. ومنذ أكثر من عقدين يصدر البنك تقارير حول تسليع المياه، وهو ما نتج عنه تحويل هيئة المياه والصرف الصحي في مصر إلى شركة ربحية إضافة إلى التوجه لتحديد مساحات زراعة القصب والأرز في مصر وأخيرًا قانون الري الجديد والذي يشكل استجابة لتوجيهات البنك الدولي وخطوة على طريق تسليع مياه، وتأكيد الأمر الواقع الناتج عن ضغط إثيوبيا على مصر وانتقاص حصتها في مياه النيل.
دول الخليج وأمريكا وسد النهضة
ورغم العلاقات القوية التي تربط السعودية والإمارات بنظام السيسي إلا أن استثماراتها في إثيوبيا تتجاوز 8 مليار دولار ، والإمارات هي الأعلى نصيبا، إذ تستثمر أكثر من 3 مليارات دولار كودائع واستثمارات في إثيوبيا. كما تستثمر السعودية 140 مليون دولار في مشروعات الطاقة الشمسية. إضافة إلى مشروع الربط الكهربائي بين إثيوبيا ودول الخليج. وهناك ملياردير سعودي هو محمد حسن العمودي يعد أحد كبار المستثمرين السعوديين في إثيوبيا وفي سد النهضة، ويقال إنه من أصول إثيوبية.
وتحتل السعودية حاليًا المرتبة الثالثة من حيث الاستثمار في أديس أبابا، في ظل تطلعات لزيادة المشروعات السعودية من خلال حوافز عدة طرحتها إثيوبيا للمستثمرين السعوديين، من بينها الإعفاء الجمركي، وتوصيل الكهرباء، وإلغاء الازدواج الضريبي، في حين قدم الصندوق السعودي للتنمية تمويلات وقروضًا ميسرة لمشروعات لها صلة غير مباشرة بسد النهضة، تحت مسمى "استنهاض التنمية في ريف إثيوبيا".
تسليع مياه النيل
من أخطر تحركات الأمريكان في ازمة سد النهضة ، طرحها لفكرة تسليع مياه النيل وشراء مصر لها ، حيث طرحت زيارة المبعوث الأميركي الخاص للقرن الأفريقي مايك هامر إلى مصر والإمارات وإثيوبيا، بحجة إيجاد حل دبلوماسي لأزمة سد النهضة"، بحسب الخارجية الأميركية، فكرة تسليع مياه النيل ضمن الحلول المطروحة.
وقد أكد مسؤول سابق في وزارة الموارد المائية والري في مصر، وعضو سابق في وفد التفاوض المصري حول سد النهضة، أن "هناك سيناريوهات عدة مطروحة حالياً للتعامل مع أزمة سد النهضة، بينها اقتراح أن يتم تعويض كمية المياه التي ستفقدها مصر بسبب سد النهضة، عبر بيعها تلك الكمية من إثيوبيا بثمن قليل لفترة مؤقتة تدفعه الإمارات، وقد تمتد تلك الفترة من 10 إلى 20 عاماً، على أن يتم بعدها الاتفاق على أسعار جديدة".
وأكد المسؤول أن مبدأ "تسليع المياه"، مرفوض بشكل قاطع من جانب مصر، ولطالما عبّرت كل من مؤسسة الري والدبلوماسية المصرية عن هذه العقيدة الرافضة لذلك المبدأ.
ويأتي ذلك استناداً إلى مبادئ القانون الدولي التي أقرتها الأمم المتحدة في عام 1958 في دورتها 48، والتي أكدت أن نظام الأنهار والبحيرات الذي ينتمى إلى حوض صرف واحد، يجب معاملته كوحدة متكاملة، وليس كأجزاء منفصلة.
من جهته، أكد دبلوماسي مصري سابق، وخبير في الشؤون الأفريقية، أن "موقف مصر ثابت وقاطع برفض أي حل يقوم على فكرة بيع المياه"، لكنه لم يستبعد في الوقت ذاته أن "يتم طرح الفكرة في المفاوضات التي ترعاها الولايات المتحدة".
واستغرب الدبلوماسي السابق "التصريحات الأميركية الأخيرة حول زيارة مايك هامر، والتي أشارت إلى الإمارات كمحطة ضمن جولته في المنطقة والتي لا تشمل السودان". وقال المصدر إن "حرص المبعوث الأميركي على زيارة الإمارات، يؤكد أن أبوظبي سوف تلعب دوراً مهماً في الخطة الأميركية الخاصة بالأزمة"
ولفت المصدر إلى أن "الحديث عن فكرة بيع إثيوبيا حصة من المياه إلى مصر، بتمويل إماراتي، أمر من الصعب تحقيقه حالياً، لكنه يمكن أن يطرح كفكرة على طاولة المفاوضات، تشكل سابقة في هذا الملف، يمكن اللجوء إليها في المستقبل".
في الوقت ذاته، أكد الدبلوماسي، أن "الرهان المصري على دور أميركي في الضغط على إثيوبيا لدفعها إلى التوقيع على اتفاق قانوني ملزم وشامل بشأن قواعد ملء وتشغيل سد النهضة، رهان خاسر".
خذلان أمريكي للموقف المصري
وفي غضون الأزمة اتجهت مصر أكثر من مرة لمجلس الأمن ، لأجبار أثيوبيا على الموافقة على التزام قانوني ملزم ، وكان موقف أمريكا في كل مرة منحاز لأثيوبيا ، وخرجت مصر بخفي حنين ، في ظل تواطؤ دولي بمباركة أمريكية لأستمرار أثيوبيا في مشروع سدها الضار للأمن المائي المصري .
وفي الوقت الذي تدعي فيه أمريكا انها وسيط نزيهة ، نجدا أنها أعلنت تقديم مساعدات إنسانية لإثيوبيا بقيمة 488 مليون دولار، في ظل زيارة مبعوثها الخاص للقرن الإفريقي مايك هامر إلى أديس أبابا
وأوضحت السفارة الأمريكية لدى أديس أبابا في بيان 29 يوليو الماضي، أن واشنطن قدمت من خلال الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية 488 مليون دولار كمساعدات إنسانية إضافية لشعب إثيوبيا.